الثلاثاء، 13 سبتمبر 2011

Imam Al-Bushiri

البوصيري هو الإمام شرف الدين محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري، الذي أطلق عليه اسم البوصيري نسبة لمولده في بوصير بصعيد مصر وهي من قرى بني سويف، وكان مولده في شهر شوال عام ٦٠٨ هجرية الموافق ١٢١٣ ميلادية. اشتهر البوصيري بمدائحه النبوية، التي ذاعت شهرتها في الآفاق، وتميزت بروحها العذبة وعاطفتها الصادقة، وروعة معانيها، وجمال تصويرها، ودقة ألفاظها، وحسن سبكها، وبراعة نظمها؛ فكانت بحق مدرسة لشعراء المدائح النبوية من بعده، ومثالا يحتذيه الشعراء لينسجوا على منواله، ويسيروا على نهجه؛ فظهرت قصائد عديدة في فن المدائح النبوية،
أمتعت عقل ووجدان ملايين المسلمين على مرّ العصور، ولكنها كانت دائما تشهد بريادة الإمام البوصيري وأستاذيته لهذا الفن بلا منازع.

نشأته:
نشأ البوصيري نشأة قرآنية وأدبية وصوفية، تعلم في القاهرة بساحة مسجد عمرو بن العاص، علوم اللغة والأدب وأصول البلاغة وقواعد العروض والقوافي، مع إتقان حفظه للقرآن الكريم وأصول قراءاته مع حفظ الحديث، وعمل بأحد الدواوين بمديرية الشرقية في بلبيس. ثم اتصل بأبي العباس المرسي إمام الصوفية بالإسكندرية، وقد انتفع البوصيري بصحبته ثم تنسك وتصوف، وقد ابتلاه الله بمرض الفالج الشلل فتقرب إلى الله تعالي ونظم قصيدة البردة في مدح الرسول صلي الله عليه وسلم، وما إن كتبها حتى رأي في نومه النبي صلي الله عليه وسلم يقرأها أمامه ومسح بيده عليه، وخلع
عليه بردته فاستيقظ من النوم وقد شفاه الله، وتلك نعمة وكرامة من عند الله عز وجل.
وتُعد قصيدته الشهيرة (الكواكب الدرية في مدح خير البرية) والمعروفة باسم (البردة) من عيون الشعر العربي ومن أروع قصائد المدائح النبوية، ودرة ديوان شعر المديح في الإسلام، الذي جادت به قرائح الشعراء على مرّ العصور، وقد أجمع النقاد والشعراء على أنها أفضل المدائح النبوية بعد قصيدة كعب بن زهير «الشهيرة» بانت سعاد، ومطلعها من أبرع مطالع القصائد العربية، يقول فيها:
- أَمِنْ تذكّر جيرانٍ بذي سلم # مزجتَ دمعًا جرى من مقلة بدم؟
- أم هبت الريحُ من تلقاء كاظمةٍ # وأومضَ البرقُ في الظلماء من إِضَم؟
- فما لعينيك إن قلت اكففا همتا؟ # وما لقلبك إن قلت استفق يهم؟
وهي قصيدة طويلة تقع في ١٦٠ بيتًا، يقول في نهايتها:
يا نفسُ لا تقنطي من زلةٍ عظُمتْ # إن الكبائرَ في الغفرانِ كاللمَم
مولاي صل وسلم دائماً أبداً # على حبيبك خير الخلق كلهم
وهذا البيت الأخير يقرأ عند ابتداء وانتهاء كل فصل من فصول هذه القصيدة. وقد ظلت تلك القصيدة مصدر إلهام للشعراء على مر العصور، يحذون حذوها وينسجون على منوالها، وينهجون نهجها، ومن أبرز معارضات الشعراء عليها قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي «نهج البردة»، التي تقع في ١٩٠ بيتا، ومطلعها:
- ريم على القاع بين البانِ والعلمِ # أحلَ سفكَ دمي في الأشهر الحرمِ

هوى النفس:
وقد تنقل البوصيري في قصيدته البردة من النسيب والغزل في أولها إلى التحذير من هوي النفس ثم مدح النبي صلي الله عليه وسلم وتكلم عن مولده ومعجزاته، ثم وصف القرآن، وليلة الإسراء والمعراج، والجهاد، وختمها بالتوسل والمناجاة. وأصبح البوصيري ببردته هذه أستاذا للشعراء والحكماء والبلغاء، ولا يوجد في الأدب العربي قصيدة من الشعر كان لها مثل هذا التأثير الفائق على الناس جميعا في كل البلدان، وأصبحت أورادا تقرأ، وعن طريقها عرف الناس أبوابا من السيرة النبوية العطرة، وعن طريقها شاع اتجاه أخلاقي له طابعه الخاص.
- فاق النبيين في خلق وفي خلق # ولم يدانوه في علم ولا كرم
- وكلهم من رسول الله ملتمس # غرفا من البحر أو رشفا من الديم
وأصبحت البردة مصدر وحي يستلهمها الشعراء وفي بناء
قصائدهم في مدح الرسول صلي الله عليه وسلم مثل أحمد شوقي الذي قلده في بردته. التي يقول فيها:
- محمد صفوة الباري ورحمته # وبغية الله من خلق ومن نسم

تحفة الامام:
ومن تحف الامام البوصيري الرائعة الهمزية التي تبلغ ٤٥٠بيتا يقول في مطلعها:
- كيف ترقي رقيك الأنبياء # يا سماء ماطاولتها سماء
ويصف فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالمصباح المنير للبشرية.

وفاته:
ولقد عرف أهل مصر قدر البوصيري وأهل الإسكندرية التي استقر فيها حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى سنة ٦٩٧ هجرية عن عمر يناهز التسعين عاما، ناسكا عابدا مادحا النبي صلي الله عليه وسلم، متمسكا بسنته قولا وعملا، ودفن بمسجده الشهير بالبوصيري (يسميه العامة الآن الأباصيري) بجوار أستاذه المرسي أبي العباس بمدينة الإسكندرية.


05 Juli 2010 jam 1:24

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق